جحيم الخيارات الشخصية: عن هجرة الدراجين السودانيين
جحيم الخيارات الشخصية
عن هجرة الدراجين السودانيين
اثارت حادثة تخلف اثنين من الدراجين السودانيين الشباب بعد سباق دراجات في فرنسا، بغرض طلب اللجوء السياسي، غضب كثير من المعلقين في أوساط التواصل الاجتماعي... والذي صبوا جان غضبهم على فعلة هؤلاء الدراجين باعتبارها تحد من فرص الرياضيين السودانيين في الذهاب الي فرنسا وتقلل فرص الشباب السودانيين في الحصول على فيزا دخول والي اخر ذلك من الاعتبارات المتأثرة بشكل مباشر بحالة كراهية الاخر وكراهية المهاجرين التي انتشرت في أوروبا والغرب عموما موخرا.
كل هذه الاعتبارات حقيقة لا تساوي الحبر والزمن ألذي اهدر في كتاباتها لانها تتماهى بشكل ميكانيكي مع الجلاد في قمعه لحقوق الضحايا. حق التنقل وحرية الحركة وحرية الانسان في اختيار مكان إقامته هي بعض من حقوق الانسان الاساسية التي مهرها الغرب بختمه في ميثاق حقوق الانسان العالمي بعد الحرب العالمية الثانية وفرضها على بقية العالم، عندما كانت معركته مع المعسكر الشرقي في أوجها، وكان يستخدم هذه الحقوق التي جعلها مطلقة كأحد آليات الدعاية والهيمنة واجتذاب المهاجرين الهاربين من جحيم الدول الدائرة في معسكر الاتحاد السوفيتي الي جنات نعيم دول الناتو. حينها جعلت الدول الغربية العظمي حقوق اللجوء والانتقال حقوق مطلقة تحتفي بها ايما احتفاء.
موخرا، وفِي خضم أزمات النيوليبرالية المتزايدة، برز الخطاب الشعوبي بشدة رافعا راية كراهية المهاجرين واللاجئين والتخويف من الاخر، باعتباره خطاب مجاني وسهل الانتشار ولا يحتاج سوى لمخاطبة الغرائز البدائية بدلا من السياسات التي تخاطب العقول... ليسود في دوائر اليمين الاوروبي ويتوسل به سلما الي السلطة، والدعم الشعبي المستند الي غريزة الخوف من الاخر.
دفعت هذه الدوائر في اتجاهات تصعيب تأشيرات الدخول الي دولها، وتصعيب اجراءات الإقامة والهجرة واللجوء المستحق. مستندة بالاساس الي دفوعات باطلة وكاذبة وتزوير للحقائق ...
هذه الخيارات هي خيارات شخصية تماما ومن حق اَي احد ان يختارها... وهي ليست خيارات سهلة بل هي خيارات صعبة جدا وتتطلب بدء حياة جديدة كاملة من البدء ومواجهة مصاعب التأقلم في مجتمع جديد...
ان محاولة صلب هؤلاء الشباب هي ليست سوى تماهي كامل مع الجلاد ومساعدته على انتهاك حقوق الناس ولا يوجد اَي أساس اخلاقي لها.
--
Comments
Post a Comment