أزمة السودان: معضلة فقر ام استغلال؟


أزمة السودان: معضلة فقر ام استغلال؟

 د. أمجد فريد الطيب
Image result for inequality
لعل أحد أكبر المشاكل التي تواجه السودان وتساهم بشكل رئيسي في صناعة أزمته السياسية والاجتماعية الماثلة، هي الاعداد المتزايدة للمواطنين الذين يعانون من الحرمان من ابسط الحقوق الاجتماعية غير المتوفرة لهم، بل ان هذا الحرمان والاشكال المختلفة والمتزايدة من المعاناة الناتجة عنه هو الجذر الأساسي للمشكلة السودانية. هذا الحرمان يتم تفسيره بشكل ميكانيكي بعزوه الي فقر البلاد. ولكن الحقيقة فان السودان ليس دولة فقيرة بحسب التعريف التجريدي للفقر (النقص او الشح في الممتلكات المادية او الأموال). فالناتج القومي الإجمالي للدولة السودانية لعام 2017 مثلاً يبلغ 117.49 مليار دولار، في حين يبلغ الناتج القومي الإجمالي في نفس العام لدول مثل جنوب افريقيا وسنغافورة وهي دول ضمن منظومة الدول العشرين الاقتصادية العظمى (G20) 349.42 مليار دولار و323.91 مليار دولار على التوالي، او حتى بالمقارنة مع دولة مثل الكويت التي بلغ فيها الناتج القومي الإجمالي لنفس العام 120.13 مليار دولار. بل ان هذا الناتج القومي الإجمالي للسودان يضعه في ترتيب متقدم على دول مثل أوكرانيا (112.15 مليار دولار) والمغرب (109.14 مليار دولار) واثيوبيا (80.56 مليار دولار) بل وحتى سلطنة عمان (72.64 مليار دولار) لنفس العام[1]. بحسب هذا المقياس المجرد فان الناتج القومي السوداني يضع السودان في المرتبة 63 من حيث ثراء الدول حول العالم متقدماً على 139 دولة أخرى. ولكن لا يمكن إجراء أي مقارنة معقولة بين مستوى الرفاه الاجتماعي ومستوى الخدمات المقدمة بشكل معقول من قبل حكومات هذه الدول لمواطنيها بالوضع في السودان. المقارنة معدومة بشكل كبير، حيث يحتل السودان موقعا متأخراً على كل هذه الدول في كافة المعايير المعتمدة لقياس مستوى المعيشة. فالسودان يحتل الموقع الخامس قبل الأخير من بين كل دول العالم بالنسبة لمؤشر التنمية البشرية (وهو مؤشر ابتدعه عالم الاقتصاد الباكستاني محبوب الحق واعتمدته الأمم المتحدة في بداية التسعينات لقياس رفاهية الشعوب ويصدر به تقرير سنوي عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية)[2]. وحتى عند النظر الي مقاييس مجردة أكثر عملياتية للوضع الاقتصادي مثل نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي (GDP per capita) – بالرغم من هذا المؤشر لا يقدم تقييم جيد لصرف الدولة على الخدمات العامة التي ينبني عليها مؤشر التنمية البشرية وتوفر الرفاه الاجتماعي، لأن الحكومة عندما تقوم ببناء مدرسة او مستشفى مثلا او تعيين موظف لأداء خدمة اجتماعية معينة فهي لا تقوم بذلك إزاء كل فرد ولكنها تقوم ببناء مستشفى واحد لخدمة عشرة الف مواطن في افضل الأحوال او اكثر، وتقوم بتعيين طبيب واحد لخدمة مئات المواطنين ومعلم واحد مقابل عشرات الطلاب. فعليه يصبح قياس الموارد المتوفر لها لأداء هذه المهام هو من الناتج الإجمالي القومي وليس من نصيب الفرد من الناتج الإجمالي القومي ولكن ما علينا-  يحتل السودان المرتبة رقم 142 من بين دول العالم بنصيب للفرد من الناتج القومي الإجمالي يبلغ (1959.15 دولار للفرد)، في مرتبة تتوسط الهند (1963.55 دولار للفرد) وفيتنام (1834.65 دولار للفرد) ومتقدماً على دول مثل غانا (1813.8 دولار للفرد)، وسوريا (1700.39 دولار للفرد) والتي اجازت برغم ظروف الحرب الاهلية موازنة عامة لعام 2019 من دون أي عجز،  وساحل العاج (1632.68 دولار للفرد) واثيوبيا (549.8 دولار للفرد) وعشرات الدول الأخرى التي تتقدم على السودان في مؤشر التنمية البشرية.

اذن فإن مشكلة السودان ليست في الفقر بمعنى شح الموارد او قلتها، لكنها في سوء إدارة واستعمال وتوزيع الموارد المتاحة للصالح الجمعي. حيث احتكرت فئات معينة هذه الموارد الوطنية المتاحة وسخرتها الي صالحها لتركيز التنمية والخدمات بشكل غير عادل على مناطق معينة ولخدمة المصالح الاقتصادية ورأس المال المادي والبشري الذي يتيح لها الاستمرار في مراكمة الأرباح الاقتصادية لصالحها. هذه المعادلة المختلة كانت نتاج مباشر لفترة الاستعمار الإنجليزي المصري للسودان (1899 -1956). حيث قامت السلطة الاستعمارية بإنشاء مشاريع استثمارية معينة وقامت بإنشاء وإتاحة الخدمات التي تساهم في نجاح هذه المشاريع. سواء ان كانت خدمات طبية للعاملين في المشاريع، او خدمات تعليمية او خدمات عامة من مياه وطرق ونقل وغيرها. كان هدف السلطة الاستعمارية الواضح بشكل فج هو نجاح مشاريعها ومراكمة أكبر قدر ممكن من الربح منها. وعليه قامت ادارتها لكامل شأن البلاد على هذا المبدأ الاستغلالي الواضح. بل ان المنشأة الخدمية الأكبر التي أسسها المستعمر والتي كانت كلية غردون التذكارية التي تحولت لاحقا الي جامعة الخرطوم، تم تمويل انشاءها بجهد اهلي جمع له اللورد كتشنر 111 ألف جنيه إسترليني من اثرياء إنجلترا لإنشاء كلية في الخرطوم بغرض تخليد ذكرى الجنرال تشارلز جورج غردون والذي كان بمثابة بطل قومي في المخيلة الشعبية للإنجليز قتله "الهمج" السودانيون في ثورة المهدي. جمع كتشنر هذه الأموال لتمويل تخليد ذكرى رفيقه الاستعماري بعد ان رفضت الحكومة الإنجليزية تمويل الفكرة [3]، بل ان القادة الاستعماريين كانت لهم تحفظات واضحة في تحديد المسار الذي يجب ان تأخذه الكلية لانتاج كادر يعرف "الكتابة والقراءة والحساب" بحيث يساعد الانجليز في إدارة استثماراتهم الاستعمارية  في السودان و"ليس تعليمهم أي شكل من اشكال التأملي" على حد تعبير اللورد كرومر، وفي 1902 حدد سير جيمس كري اول مدير للتعليم في السودان اهداف المؤسسة التعليمية التي ينشئها الانجليز في تجنب الصرف على نشاطات تعليمية غير مرتبطة باحتياجات السودان الاقتصادية –او بالأصح احتياجات الإدارة الاستعمارية- وتكوين طبقة من العمال السودانيين المهرة، ونشر التعليم بالقدر الذي يسمح بتفهم أسس النظام الإداري البريطاني، وتكوين طبقة إدارية محدودة يمكنها أن تحتل مناصب إدارية صغيرة وتساعدهم على الإدارة[4].

 الملخص مما سبق ان الإدارة الاستعمارية لم تكن تقوم باي نوع من أنواع الخدمات بغرض التنمية بل كانت تقوم بها في إطار خدمة وتحقيق مصالحها الاقتصادية الاستعمارية، وتيسيرها لأقصى حد. وهذا أدى بالضرورة الي تركيز هذه الخدمات في المناطق ذات العائد الاقتصادي العالي بالنسبة للمستعمر. فلم يتم انشاء أي بنية تحتية خدمية او تنموية في أجزاء واسعة من السودان، وتركزت هذه الاستثمارات الخدمية والبنيات التحتية في مناطق وسط السودان التي كانت تضم المشاريع الاقتصادية التي تحرص عليها الإدارة الاستعمارية، بالتحديد منطقة مشروع الجزيرة والخرطوم العاصمة بالإضافة الي البنية التحتية للنقل في شمال السودان والذي كان الاستعمار يحتاجها لنقل منتجات مشروع الجزيرة بالإضافة لتسهيل التواصل مع المركز الاستعماري في مصر. ولم يكن السودان كمستعمرة فريداً في ذلك، فقد كان النمط الاقتصادي الذي تبنته الدول الأوروبية في مستعمراتها يهدف لخلق اقتصاد مربوط بتصدير الموارد، وغرض التنمية فيه ليس خدمة الانسان بل زيادة هذه الموارد القابلة للتصدير. ادى هذا النمط بطبيعة الحال الي تفاوت كبير في توفر الخدمات والبنيات التحتية للتنمية بين مناطق السودان المختلفة خلال العهد الاستعماري، بناء على طبيعة واهداف الادارة الاستعمارية التي سبق وصفها. ولكن النخبة الوطنية التي ادارت البلاد في عهد ما بعد الاستقلال استمرت في الاعتماد على نفس النظام الإداري الذي نشأت في كنفه وتدربت عليه خلال العهد الاستعماري، لأنها وبشكل أساسي -من بين أسباب أخرى- قامت بالأساس بالاعتماد عليه ولخدمته. وكما سبق التوضيخ فان اهداف هذا النمط الإداري كان مراكمة الأرباح بالاعتماد على تصدير منتجات استثمارات اقتصادية مركزة في مناطق معينة وتوفير الخدمات التي تعين على زيادة أرباح وعوائد وإنتاج هذه الاستثمارات بشكل رئيسي ووحيد مع غياب أي افق لاهداف تنموية وطنية عامة هدفها خدمة المواطنين. وعليه استمر التفاوت التنموي والاقتصادي وعدم المساواة في الوجود والاتساع في العهد الوطني. وأدى استشراء ورسوخ هذا النمط من عدم المساواة الافقية (بين أقاليم البلاد المختلفة) الي انتاج تفاوت اخر وانتشار عدم مساواة رأسية في الفرص المتاحة للتطور البشري بين المواطنين في انحاء البلاد المختلفة. أدى هذا في واقع الثراء الاثني الكبير للنسيج الاجتماعي في السودان وانتشاره على المساحات الجغرافية الشاسعة التي يمتد عليها السودان، الي ان يأخذ هذا التمايز في الفرص والتفاوت في توفر الخدمات، شكل تمييز اثني ضد الفئات السكانية للمواطنين القاطنين في المناطق الطرفية في السودان، بالإضافة الي انه أثر بشكل سلبي على فرصهم في تلقي الخدمات التي تسمح لهم بالتطور ومنافسة رصفائهم المواطنين في المناطق الوسطية التي تركزت فيها الخدمات بشكل عادل. هذا المأساة في التفاوت التنموي مردها كما سبق هو استمرار تطبيق نهج الاستعمار في إدارة البلاد في العهود الوطنية وهو النهج الذي ينظر الي تقديم الخدمات من حيث مردودها الاقتصادي على استثماراته المادية، ولا يعتبرها استثمار في رأس المال البشري والذي هو العامل الأساسي في عملية التنمية سواء من ناحية المدخلات او النتائج.

كانت اول محاولة حقيقية لتوزيع الاستثمارات الاقتصادية –وبالتالي الخدمات- بشكل حقيقي وواسع في فترة بداية السبعينات. حيث سعت الحكومة العسكرية (نظام مايو) حينها الي توزيع الاستثمارات الاقتصادية في مناطق البلاد المختلفة بغرض تسريع النمو الاقتصادي وتوزيعه بين أقاليم البلاد. ولكنها للأسف اعتمدت على نفس استراتيجية الارتباط بالسوق الخارجي بدلا عن تبني الاكتفاء الذاتي، وذلك غير ما واجهها من مشاكل أخرى أدت الي فشل الفكرة كلها بشكل شنيع وتعقيد الازمة الاقتصادية السودانية. حيث عمدت الحكومة حينها الي استغلال النزعة العروبية المتصاعدة في المنطقة خلال تلك الفترة، والتي كان جزءا منها الاتجاه الي تقليل اعتماد الدول العربية على الغرب فيما يتعلق بالمواد الغذائية. وتم الترويج لما عرف حينها باستراتيجية (السودان سلة غذاء العالم العربي) بالدعاية لإنشاء عدد من المشاريع الزراعية والصناعات الغذائية على نطاق واسع في السودان ليتم تصدير منتجاتها للدول العربية. وكان من المخطط لهذه المشاريع ان يتم تمويلها عبر الشراكة مع الدول العربية فيما يتم تغطية النصيب المحلي من كلفة تمويل هذه المشاريع عبر الاقتراض[5]. انتهت هذه المغامرة الاقتصادية بان واجه الاقتصاد السوداني أول ازماته الكبرى في عام 1978. حيث أدى انخفاض الاهتمام بالصادرات التقليدية الي انخفاض متوالي في عائداتها على مدار فترة السبعينات بالإضافة الي ان نفس الفترة شهدت إنفاق مفرط في هذه المشاريع الكثيفة الاستعمال لرأس المال (Capital-Intensive Projects)، والتي اتضح ان إيراداتها ستتطلب وقتا أطول مما كان متوقع له، بالإضافة الي ان تكاليف بعضها تجاوز ما كان مخطط له بينما توقف العمل في بعضها الاخر لظروف مختلفة. فعلى سبيل المثال، تم تقدير التكلفة الأولية لإنشاء مصنع كنانة والذي كان مخططاً له ان يكون اكبر مصنع للسكر في العالم، بحوالي 150 مليون دولار في عام 1973، وصلت هذه التكلفة الي حوالي 475 مليون دولار بحلول العام 1976 بحسب الأرقام الرسمية للحكومة السودانية، فيما قدرت مصادر أخرى التكلفة الفعلية بحوالي مليار دولار بنهاية انشاء التجمع[6]-[7]. وبالطبع فقد دفع الشركاء العرب نصيبهم من التكلفة الأولية فقط وتحمل الاقتصاد السوداني بقية الكلفة. لعبت عوامل متعددة من الفساد وسوء التخطيط وسوء الإدارة دورها في التسبب في مثل هذه الكارثة، ولعبت نفس العوامل دوراً اخر في توقف انشاء او عمل مشاريع أخرى بعد صرف مبالغ مالية طائلة في انشائها. حيث أدى تجاهل الطبيعة المحلية والتقاليد السكانية وعدم الدراسة المسبقة الكافية الي توقف مشاريع مثل مصنع البان بابنوسة بعد اكتمال انشائه، والذي أصبح مثالاً كلاسيكيا لفشل محاولات فرض التنمية القسرية التي تتجاهل الواقع المحلي. وبدون الدخول في التفاصيل، فقد أدى فشل هذه المحاولة غير المدروسة جيداً لتوزيع الاستثمارات الاقتصادية في السودان، ليس فقط الي استمرار حال التمايز والتفاوت بين الأقاليم المختلفة على حاله –ان لم يكن أسوأ- بل ايضاً الي هزة صاخبة في الاقتصاد السوداني. فعلى سبيل المثال ارتفعت قيمة الواردات المستوردة الي السودان في الفترة بين 1971 الي 1978 بنسبة 318.6% مقارنة 65.9% في قيمة الصادرات لنفس الفترة، ووصل العجز التراكمي في الميزانية الحكومية لنسبة 1003.6% في تلك الفترة، فيما ارتفعت قيمة الديون الدولية على السودان بمقدار 386.7% في الفترة ما بين 1973 الي 1978 وهي الديون التي لا زال الاقتصاد السوداني يعاني من اثارها حتى اليوم[8]. أدت هذه الهزة الاقتصادية –بالإضافة الي ضعف إنتاجية القطن الذي تم اهمال صيانة بنيات انتاجه التحتية في خضم هوجة مشاريع سلة غذاء العالم العربي- الي الإعراض عن أي محاولات جديدة للتنمية الاقتصادية واتجاه النظام حينها بشكل كامل لتبني وصفات صندوق الدعم الدولي –والذي لم يكن له تأثير على الاقتصاد السوداني قبل العام 1978- والاعتماد بشكل كامل على الدعم الأجنبي في المحافظة على الاقتصاد السوداني والذي بلغت قيمته في الفترة بين 1980 الي 1984 حوالي 35.1 دولار للفرد في السودان في حين كان المتوسط في ذات الفترة في مجمل افريقيا جنوب الصحراء لا يتجاوز 19 دولار للفرد[9]. هذا الانهيار الاقتصادي وانعدام البنية التحتية في المناطق الطرفية من البلاد، ساهما بشكل مؤثر في مفاقمة الاثار الاجتماعية لبعض الكوارث الطبيعية التي مرت بها المنطقة مثل الجفاف الذي ضرب منطقة القرن الافريقي في منتصف الثمانينات وأدى الي مجاعة واسعة النطاق في المناطق الغربية والجنوبية من السودان، وعلى نحو موازي لعب تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي المتعلقة بالتركيز على المنتجات الزراعية القابلة للتصدير على حساب المنتجات الزراعية الغذائية دوراً موازيا في مفاقمة هذه الاثار. فعلى سبيل المثال، واجه السودان موجة مماثلة من الجفاف الذي ضرب القرن الافريقي في أعوام 1972-1975 وهو ينتج حوالي ثلثي احتياجه السنوي من القمح[10]، في حين نقص هذا الإنتاج في الثمانينات الي حوالي 26% من الحوجة السنوية الي القمح بعد تطبيق هذه التوصيات، نتيجة لتناقص المساحات المزروعة بالقمح بمقدار النصف لصالح تمدد المساحات المزروعة بالقطن والمحاصيل النقدية الأخرى[11]. وبالطبع فإن عوائد هذه المحاصيل النقدية كان يتم توجيهها للصرف على بنود أخرى أبرزها تسيير الخدمات الموجودة بالفعل والمتركزة في مناطق محددة، وذلك ناهيك عن فشل المشاريع الاستثمارية التي تم الصرف عليها بغرض التصدير في تحقيق أي ارباح كان ذريعا. فقد انخفض عائد الصادرات بنسبة 15% في فترة تطبيق برنامج التثبيت الاقتصادي فيما انخفضت نسبة عوائد الصادرات في الدخل القومي من 16% في العام 1972 الي نسبة 8.5% في العام [12]1984. نتج عن كل هذا الفشل زيادة حدة ومفاقمة اثار المجاعة التي رافقت موجة جفاف منتصف الثمانينات (1983 -1985) بشكل كبير حيث ارتفع معدل الوفاة بثلاثة أضعاف، بالإضافة الي خسارة نصف تعداد الثروة الحيوانية في مناطق غرب السودان خلال تلك الفترة[13] .

الاستعراض أعلاه هو مثال غاية في البيان على كيف أدى استمرار نهج الإدارة الموروث من العهد الاستعماري بالتركيز على الاستثمارات ذات الربح المادي الناتج من التصدير للسوق العالمي على حساب الاستثمارات ذات القيمة المحلية، الي صناعة المشكلة الاقتصادية السودانية ومفاقمة حدة التفاوت التنموي واللا مساواة في مختلف انحاء البلاد.

جاء انقلاب الجبهة القومية الإسلامية في 30 يونيو 1989، متبنيا لنزعة ايدولوجية صارخة، حملت في داخلها تناقضات شتى، ما بين الانحياز الي الريف ضد المجموعات الحضرية وفي نفس الوقت احتكار الميزات التنموية التفضيلية لنخب جديدة بدلا عن إعادة توزيعها. تبنت الإنقاذ شعارات الاكتفاء الذاتي واللامركزية وإعادة توزيع الإنتاج والخدمات بشكل مخادع لنقل الامتيازات التي احتكرتها الفئات المدينية منذ الاستقلال لصالح فئات جديدة من المستفيدين. وظهر هذا الخداع سريعا في تبني الحكومة الإسلامية لسياسات التحرير الاقتصادي بشكل رسمي في عام 1992. والتي هدفت بشكل أساسي الي الحد من أي تدخل للدولة في الشأن الاقتصادي بل وحتى تقديم الخدمات العامة، التي تم تبني برنامج مكثف لتسييلها وخصخصتها ونقل اداراتها لسادة النظام الجدد من الموالين لسياساته. ونتج عن ذلك اثار كارثية من ارتفاع مريع في نسبة التضخم الذي بلغ 166% في عام 1996 ومعدلات شديدة الانخفاض لنسبة النمو السنوي والتي وصلت لأقل من 1% في عام 1994 [14]، ولم ينقذ الحكومة من وهدتها الاقتصادية تلك الا البدء في تصدير النفط السوداني في 1998 والذي منح اقتصادها قبلة حياة مؤقتة.

ولكن خلال فترة الثلاثين عاما من حكم الجبهة الإسلامية كانت قطاعات الخدمات والتنمية هي الأكثر تأثراً على الاطلاق. حيث تناقص الصرف على هذه القطاعات بشكل متزايد في سياق الانحياز الحكومي المتصاعد لاقتصاديات الخصخصة والسوق الحر. وهو ما أدى الي زيادة التفاوت الخدمي واللا مساواة الموجودة بين أقاليم البلاد المختلفة. بالطبع تأثرت الخدمات الموجودة في المناطق الوسطية من البلاد بهذه السياسات أيضا وتضعضع كثير منها، الا ان الأثر الأكبر وقع بطبيعة الحال في المناطق التي كانت الخدمات فيها شحيحة بالأساس. وتزامن ذلك مع ضعف التحليل الاقتصادي للواقع السياسي والذي صاحب انهيار التجربة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وحالة الشك وعدم اليقين الذي أصاب اليسار في مجمله من جدوى تبني الاقتصاد والتحليل الرقمي للواقع، وتوهانه بعد ذلك في محاولة البحث عن راية جديدة لنضاله السياسي. ولم يحدث ذلك في السودان فحسب، ولكن حول العالم الذي شهد بشكل تدريجي انزواء خجول لأطروحات اليسار الاقتصادي والدفع بأطروحات اليسار الحقوقي الي واجهة المعركة السياسية بدون توازن ممكن ومطلوب بين الجانبين، وهو أمر ما زال العالم بأثره يدفع ثمنه حتى اليوم، حين لجأ المكتوون بنيران المظالم الاقتصادية الي سقيفة النزعات الشعبوية المتصاعدة في عالم اليوم، والتي لا تقدم سوى إجابات شعاراتية وفجة وسطحية لهذه المظالم لا تعدو سوى ان تكون مجرد طبطبات على الكتف واشباع لحزن الضحية على ذاته من خلال التعاطف الشكلاني، في تسطيح مغرض لتعقيدات الواقع يتعامل مع ضحايا الاستغلال الاقتصادي بمنهج مثالي، يوهمهم فيه ان معاناتهم هي مجرد أفكار ومشاعر في دواخلهم مردها غضبهم من الاخر، المهاجر، او المختلف اثنيا، او دينيا، او غير ذلك، بدلا عن كونها انعكاس حقيقي لاستغلال مادي تراكم من عبره الفئات المهيمنة الأرباح. في السودان أيضا، ادى الخطاب التمييز الاثني الذي كان جزءاً من ايدولوجيا الجبهة القومية الإسلامية، الي تضاؤل الاهتمام بالنظر الي الانعكاسات المادية لهذه الفروقات المادية وبروز خطاب رد فعل ميكانيكي مضاد له يتبنى تفسير المعركة السياسية بالاستناد الي الاختلاف الاثني بدلا عن النظر الي الواقع المادي الذي استمرت حدة التفاوت وعدم المساواة فيه في التزايد.

في خضم المتاهة السياسية الاثنية، بلغ هذا التفاوت –الناتج عن الاستغلال كما سبق وان أوضحت في مطلع المقال- مبلغه. فبالنظر الي معدل الفقر الخام (نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر القومي) نجد ان نسبته بلغت في الخرطوم في العام 2009 حوالي 26% وبلغت 32.2% في نهر النيل و37.8% في ولاية الجزيرة، فيما بلغ المعدل في مناطق كردفان ودارفور 58.9% و62.7 على الترتيب. وفاق المعدل ال 70% في بعض مناطق دارفور ومنها ولاية شمال دارفور الغنية بالذهب[15]، وهذه مفارقة لا يمكن تفسيرها الا عند النظر اليها بوجود استغلال صارخ للموارد والفرص. ويتضح هذا التفاوت بشكل أكثر جلاء عند النظر الي ان 75% من الذين يعيشون تحت خط الفقر في السودان يعيشون في نمط حياة ريفي. حيث يبلغ معدل الفقر بين سكان الريف السوداني نسبة 57.6% وتصل حدة الفقر بينهم (متوسط النقصان عن خط الفقر) حوالي 10.6% بالمقارنة مع معدل فقر في المناطق الحضرية يبلغ 26.5% وبحدة فقر لا تتجاوز 2.7%. [16] وبينما نجد ان معدل الفقر الخام يتناسب عكسيا مع المستوى التعليمي فتبلغ نسبته 59.5% بين أولئك الذين لم يتلقوا أي نوع من أنواع التعليم و50.6% وسط خريجي الخلاوي، و44% وسط خريجي المدارس الأولية، و30% للمدارس الثانوية، و8.9% وسط أصحاب التعليم فوق الثانوي[17]، في دلالة واضحة على مدى الارتباط بين الخدمات الاجتماعية والفرص التي توفرها والمستوى المعيشي، نجد ان معدل معرفة القراءة والكتابة كمستوى تعليمي أساسي يعكس تفاوت مشابه، فتبلغ نسبته في الخرطوم 81% وفي الولاية الشمالية 75% وفي نهر النيل 72% وفي الجزيرة 65% بينما تبلغ النسبة في ولايات غرب دارفور 44% وكسلا 46% وهو الامر الذي يجعل مواطني تلك المناطق معرضين لطائلة الوقوع تحت خط الفقر بشكل اكبر من رصفائهم في الولايات الأخرى[18].

ويرتبط هذا الواقع الشائه بالفرص المتوفرة، حيث يعاني توزيع الخدمات التعليمية من تفاوت مشابه أنتج هذا الوضع. فبينما يبلغ عدد المدارس الحكومية الأولية في الخرطوم 2536 مدرسة والمدارس الثانوية 379 مدرسة ويبلغ عدد المدارس الاولية 1977 في ولاية الجزيرة والثانوية 804 مدرسة، يبلغ عدد الاولية في ولاية النيل الأزرق 450 مدرسة والثانوية 55 مدرسة وفي ولاية جنوب دارفور يبلغ عدد المدارس الاولية 640 مدرسة والثانوية 59 مدرسة. وقد يعترض معترض على هذا المعيار العددي بان يرجعه الي الاختلاف في الكثافة السكانية وتعداد سكان كل ولاية، ولكن عند النظر الي المعاير العملياتي مثل عدد التلاميذ مقابل عدد المعلمين نجد التفاوت في مكانه ان لم يكن أشد وطأة. ففي حين يوجد معلم واحد مقابل كل 20 تلميذ في الولاية الشمالية ومقابل كل 21 تلميذ في ولاية نهر النيل و27 تلميذ في الخرطوم و29 في الجزيرة، نجد انه يوجد معلم واحد لكل 79 تلميذ في ولاية جنوب دارفور ومقابل كل 50 تلميذ في ولاية شمال دارفور و45 تلميذ في ولاية غرب دارفور.

الخدمات التعليمية ليست وحيدة في لوحة التفاوت وعدم المساواة في السودان في عهد حكم الجبهة الإسلامية، فنسبة سكان الولايات الذين يمكنهم الوصول على مياه صالحة للشرب والاستعمال تتفاوت بين 80.7% في سنار و80.3% في الولاية الشمالية و79.4% في الخرطوم و77.9% في الجزيرة و73.8% في نهر النيل لتصل الي 33.1% في البحر الأحمر و37.3% في القضارف و39.6% في غرب دارفور وحوالي 40% في النيل الأزرق. ويحدث هذا في بلد تتمتع بأنهار وثروات مائية كبيرة ويجري فيها أطول نهر في العالم!

وينطبق الوضع على خدمات الصرف الصحي –الضرورية للصحة العامة وبلادنا شهدت اكثر من ثلاثة موجات انتشار وبائي للكوليرا او كما اسمتها الحكومة الاسهالات المائية الحادة جراء انهيار هذا القطاع- حيث تصل نسبة المواطنين الذين يتمتعون بخدمات صرف صحي مقبولة في ولاية نهر النيل الي 83% بالمقارنة مع حوالي 10% فقط في ولاية النيل الأزرق و14% في ولايتي شمال دارفور وغرب كردفان[19]. ويتكرر المثال في توزيع الطاقة الكهربائية، حيث يتم توجيه 81% من الإنتاج الكهربائي للبلاد لولايات الخرطوم والجزيرة ونهر النيل لصالح 33.5% من السكان، في حين ان ولايات شمال دارفور، وغرب دارفور وسط دارفور وشرق دارفور وجنوب دارفور وجنوب كردفان وشمال كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق مجتمعة تستهلك اقل من 4% (3.74%) من انتاج البلاد من الكهرباء وهي ولايات يقطنها 40% من السكان. وتكون صورة التفاوت أكثر فداحة عند النظر اليها بشكل فردي بين الولايات عندما نقارن بين ولاية نهر النيل التي يقطنها 3.6% من السكان وتستهلك 6% من الإنتاج الكلي للكهرباء في البلاد وبين ولاية شمال دارفور التي يقطنها 6.7% من السكان ولكنها تستهلك حوالي نصف في المئة (0.54%) من انتاج الكهرباء في البلاد او ولاية جنوب كردفان التي يقطنها 2.8% من السكان ولكنها تستهلك 0.03% من كهرباء البلاد. ويعكس الشكل ادناه الذي يعتمد على الاحصائيات الحكومية الرسمية صورة التفاوت وعدم المساواة في توزيع الإنتاج الكهربائي للبلاد بشكل أكثر وضوحاً:


وكذلك يعاني قطاع الخدمات الصحية من تفاوت وعدم مساواة مشابهة لبقية القطاعات الخدمية، بالإضافة الي الانهيار الماثل فيه جراء الإهمال وانخفاض الانفاق الحكومي عليه. فقد بلغ معدل الصرف على الصحة من الجيب الشخصي للمواطن نسبة 64.3% من الصرف الكلي على الصحة[20]. فيما يتركز 70% من القوة الصحية العاملة في السودان في المناطق الحضرية لتقديم الخدمات لحوالي 30% من السكان. وكذلك فان المنشأت الطبية تشهد نفس التفاوت في التوزيع. حيث يبلغ عدد المستشفيات الحكومية في ولايتي الجزيرة والخرطوم 78 و48 مستشفى حكومي بالترتيب وتتبعهما ولاية نهر النيل بمقدار 33 مستشفى حكومي، بينما يبلغ عدد المستشفيات الحكومية في ولاية وسط دارفور 8 مستشفيات ويبلغ عددها 6 مستشفيات حكومية في ولاية غرب دارفور. وبوضع عدد السكان في الاعتبار، نجد ان ولاية الشمالية تحتوي على 3.6 مستشفى لكل مئة الف مواطن وولاية نهر النيل 2.5 مستشفى لكل مئة الف مواطن بينما تظل حدة عدم المساواة على حالها في الولايات الطرفية الأكثر تهميشاً بمعدل نصف مستشفى لكل مئة الف مواطن جنوب دارفور، معدل 0.7 مستشفى غرب دارفور وكسلا والخرطوم. والوضع في الخرطوم العاصمة يمكن تفسيره بالزيادة الكبيرة في عدد السكان، والذي نتج بشكل رئيسي عن النزوح والهجرة الداخلية التي كان احد أسبابها هو انعدام الخدمات في الولايات الطرفية.

يمكن المواصلة في استعراض أوجه عدم المساواة في الخدمات العامة بين أقاليم السودان المختلفة الي ما لا نهاية، ولكن لا مفر من النظر الي هذا التفاوت المادي بشكل أساسي في سياق محاولة إيجاد حلول للمعضلة السودانية وانتشال النقاش فيها من التجريدات النظرية عن الصراع الثقافي والاثني – وهي مؤثرات لاحقة بهذا الجذر الأساسي- واعادتها الي ارض الواقع بحسابات كم مدرسة يجب بناءها وكم معلم يجب توفيره وكم مستشفى ينبغي انشائها وتأهيلها وكم من الطرق والبنيات التحتية للكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات تنقصنا في كل ولاية لتوفير فرص متساوية للتطور البشري والحياة الكريمة للمواطنين السودانيين على قدم السواء.  وذلك دون ان نغفل ان السنوات الطويلة من التفاوت وعدم المساواة تحتاج الي جهود أخرى للمصالحة الاجتماعية والثقافية والاثنية في النسيج الاجتماعي للبلاد. ان أي محاولة لحصر معادلة المستقبل السوداني في المستوى المثالي لنقاشات الهوية والثقافات والاثنيات وقسمة السلطة والثروة (بين النخب السياسية) وغيرها دون العمل الجاد دون وضع العمل على انتاج المساواة المادية في الخدمات الاجتماعية في اعلى قائمة الأولويات العاجلة لن تخاطب لب المعضلة. وهذا البناء التحتي يتطلب مشاركة قاعدية حقيقية للمجتمعات المحلية في عملية البناء. إن التفاوت الخدمي والتنموي في السودان جاء نتيجة لعملية استغلال اقتصادي متطاولة الأمد، وهذا الاستغلال له ثمن مستحق الدفع ولا مناص لنا عنه من اجل تنمية حقيقية يكون هدفها الانسان وليس الربح وتضمن تحقيق سلام راسخ وحلول تنموية حقيقية مستدامة وطويلة الأمد في بلادنا السودان.
  
الهوامش:

[1]  الاحصائيات الاقتصادية من دليل الاقتصاد التجاري Trading Economics  على الشبكة الالكترونية: https://tradingeconomics.com
[2] ملف السودان في تقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعام 2018. يمكن الاطلاع عليه في الرابط التالي: http://hdr.undp.org/en/countries/profiles/SDN

[3] لا تزال مؤسسة الوقف الخاصة غير الحكومية التي تم انشاءها في عام 1899 لجمع تبرعات بناء الجامعة موجودة حتى اليوم وبذات الاسم وبذات مهام (عبء الرجل الأبيض) لنشر التنوير في القارة السوداء وفي السودان وجنوبه تحديدا في هذه الحالة. الوقف الائتماني لكلية غردون التذكارية (Gordon Memorial College Trust Fund)، والمعلومات المتعلقة به موجودة على موقعه الالكتروني: http://www.gmctf.org/

[4] محمد سعيد القدال (تاريخ السودان الحديث 1820 - 1955)، ص. 373 الطبعة الثالثة، دار الخرطوم للطباعة والنشر/ 2018
[5] Sudanese Ministry of National Planning Report 1977, Vol. 1, 55/6
[6] Legum, Colin. "Africa Contemporary Record 1977-78." New York and London (1979)
[7] Wohlmuth, Kar1 1983, The Kenana Sugar Project: A Model of Successful Trilateral Cooperation?,
[8] IBRD 1984, World Debt Tables, 1983-84 Edition, Washington D.C
[9] Mustafa, Mohammed Elhaj, Manal Mahagoub Elshakh, Ebaidalla Mahjoub Ebaidalla, and Mohammed Elhaj Mustafa. "Does Foreign Aid Promote Economic Growth in Sudan? Evidence from ARDL Bounds Testing Analysis." In Economic Research Forum’s(ERF) 24th Annual Conference. Retrieved from http://www. erf. org. eg/wp-content/uploads/2018/02/4-23-Mahjoub-Ebaidallah. pdf. 2018.
[10] Wheat Production Potential in Sudan." FAO Wheat Database. http://www.fao.org/ag/agp/AGPC/doc/field/Wheat/africa/sudan/sudanagec.htm
[11] Suliman, Mohamed. "Civil war in Sudan: The impact of ecological degradation. “Contributions in Black Studies 15, no. 1 (1997): 7
[12] World Bank national accounts data and OECD National Accounts data files.
[13] De Waal, Alex. "Famine mortality: a case study of Darfur, Sudan 1984–5."Population Studies 43, no. 1 (1989): 5-24
[14] Almosharaf, Haitham Abdualaziz, and Fung Deng Tian. "The Causes of Sudan’s Recent Economic Decline." Transport 37 (2014): 13-2.
[15] Sudan baseline Household survey, 2009
[16] المرجع السابق
[17] المرجع السابق
[18] Sudan Central Bureau of Statistics
[19] Sudan MDG progress report, 2010
[20] وزارة الصحة الاتحادية، تقرير اقتصاديات الصحة، 2008. 

Comments

  1. تقرير ممتاز د. أمجد. يستغب احد كيف ممكن أن يكون السودان فقير و ربنا بركه بكل هذه النعم من الموارد المختلفة و متنوعة.
    نتمنى توفيق الثورة لكي يصبح السوداني عنده حياة كريمة، قبل أي شيء تاني.
    بس بنسبة للدخل السوداني، اعتقد في تقرير هذا أعلى بكتير من الواقع.
    ربنا يوفقك و يوفقنا.

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

متاهة التحول الديمقراطي في السودان

حميدتي وقوات الدعم السريع: الموت حرفتي!

شبح ميونيخ: لماذا يجب رفض الاتفاق السياسي الذي يتم حاليا بين الحرية والتغيير والانقلابيين، وما هو البديل