خطاب البشير: يا ديدبان ... الفجر بان ... اهو داك لاح ...أرضا سلاح

خطاب البشير: يا ديدبان ... الفجر بان ... اهو داك لاح ...أرضا سلاح


د. امجد فريد الطيب  


خطاب البشير بالأمس، والذي سار بوقع الحافر على الحافر في خطى خطاب مبارك الاول قبل التنحي، يعكس بؤسا غير مسبوق. فالخطاب تأخر عن موعده المعلن لقرابة الساعة... نسبة لاستمرار الاجتماع الصاخب للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني، وخالف التصريحات التي اطلقها مدير جهاز الأمن قبل الخطاب بعدة الساعات عن تنحي البشير عن مقعد رئاسة المؤتمر الوطني وعدم ترشحه لانتخابات ٢٠٢٠، وكلمات تم إقحامها إقحاماً في اللحظة الأخيرة بأقلام الإسلاميين الجدد مثل الخيارات الصفرية والحلول العدمية ... والخ إلخ. إلخ  يعكس ان البشير وطغمته لا يزالون في متاهة حيرتهم ولم يدركوا ما يجري في الشارع جيدا. فهم يظنون ان مجرد وعود خاوية من البشير بعدم الترشح أو الدعوة لحوار أو حتى استقالة البشير من حزبه قد تكفي لإسكات غضب الشارع المتراكم على مدى ٣٠ عام من الشمولية والظلم والإجرام. البشير واهم وغافل لدرجة انه يظن انه يمكنه خداع الناس مرة اخرى

أما الخطاب نفسه، فمن الواضح انه قد تم تغييره في اللحظة الأخيرة تحت ضغط حرس المؤتمر الوطني القديم. فسدنة المؤتمر الوطني والمتنفعين من مقاعده، يعلمون تماما ان تخلي البشير عن رئاسة المؤتمر الوطني سيكشف عن خواء الهيكل المتأكل من الداخل، وسيتركهم فريسة سهلة للانقضاض عليها من اخوان الامس الذين عادوا بمرارتهم للسيطرة على مفاصل القوة في جهاز الأمن وعلى رأسهم مدير جهاز الأمن صلاح قوش. ويبدو ان لهذا التغيير المفاجئ علاقة وثيقة بالزيارة المفاجئة التي قام بها نائب رئيس الوزراء القطري قبل ساعات قليلة من الخطاب. فالامر يبدو بانه كان ترتيب سعودي اماراتي لإقصاء إسلاميي المؤتمر الوطني عن السلطة وحصرها على حلفاءهم البراغماتيين في تحالف قوش/ البشير، الا ان حزمة الوعود القطرية كانت اكبر بما دفع البشير للتراجع عن هذا الاتفاق في اللحظة الأخيرة... وهو بالطبع مما سيثير حنق اصحاب العرض

الشاهد ان خطاب البشير جاء خاليا من كل شيء، أعلن حالة طوارئ هي قائمة بالفعل تشهد عليها دماء عشرات الضحايا من الشهداء و المصابين في الشارع ومئات المعتقليين السياسيين تعسفيا دون قانون أو جرم، والاعتداءات الأمنية على المستشفيات ومنازل الأمنيين وغيرها، فالحقيقة ان نظام البشير وضع السودان كله في حالة طوارئ مستمرة منذ ١٩٨٩، أما دعوته لحوار ونبذ الإقصاء فقد جاءت متأخرة جدا اذ لم يقدمها لعشرات الشهداء الذي قضوا نحبهم ضحايا للتعذيب في معتقلاته، وآلاف الشهداء الذي قضوا نحبهم على يد مليشيات جنجويده ودفاعه الشعبي ودعمه السريع في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والشرق والشمالية وغيرهم، أما عن مسافته الواحد من الجميع ... فالرجل مسكين... ولا يعلم ان الجميع في مكان اخر بعيد كل البعد عنه وعن عصبته. وما يحدث بينهم في فيغاس... يخصهم في فيغاس


لم يقل البشير شيئا ولا يملك شيئا ليقوله... فقد قضى الشعب بكلمته في الشارع خياره


يا ديدبان الفجر بان

أهو داك لاح أرضاً سلاح

بمبان عصي .... عصيانا بان

قسماً قسم وضح النهار

وعيان بيان

تِتحت يا ذاك البيان 

تتحت حتاً 

حتي آخر نقطة فيك

لا فيش ولا تفتيش يعيش 

تسقط زنازين الهوان


Comments

Popular posts from this blog

متاهة التحول الديمقراطي في السودان

حميدتي وقوات الدعم السريع: الموت حرفتي!

شبح ميونيخ: لماذا يجب رفض الاتفاق السياسي الذي يتم حاليا بين الحرية والتغيير والانقلابيين، وما هو البديل