القتل سمبلة: ضرورة استعادة الدور المدني لجهاز الشرطة السودانية

القتل سمبلة: ضرورة استعادة الدور المدني لجهاز الشرطة السودانية

أمجد فريد الطيب 

نزع سلاح البوليس وحصره على قوات متخصصة لأداء مهام معينة تكون مسلحة بالسلاح الناري ليس مطلب طوباوي ولا حالم او غير معقول. دول كثيرة لا تمنح كافة أفراد الشرطة حق استخدام السلاح الناري او حمله. الهند مثلا تمنع أفراد الشرطة من حمل الأسلحة النارية في المناطق السكنية. تسعين في المئة من البوليس الانجليزي غير مسلح باسلحة نارية. النرويج، ايسلندا، نيوزلندا، ايرلندا، كوريا ... جميعها لا تمنح أفراد البوليس العادي الذي يعمل في القضايا اليومية والدوريات حق حمل الأسلحة النارية. واغلب الدول الاخرى في هذا العالم تقيد استعمال البوليس للسلاح الناري بضوابط كثيرة أهمها التحذير المسبق عدة مرات (ثلاثة في غالبية الأحيان) او وجود خطر مباشر على حياة الآخرين. وكلها تخضع استعمال السلاح الناري لرقابة دقيقة تصل الي حد احصاء عدد الطلقات التي يتم اطلاقها بواسطة البوليس في العام وجعل هذه الإحصائيات متاحة للرأي العام

جامايكا لها تجربة مثيرة للتأمل مع استعمال الشرطة للسلاح الناري. حيث أدى استعمال السلاح الناري بكثافة الي وضع استعمال البوليس للسلاح الناري تحت رقابة منظمة العفو الدولية، والتي استمرت في هذه الرقابة حتى انشاء المفوضية العامة للتحقيقات عام ٢٠١٠ لتتولى مراقبة ومعالجة مشكلة الاستعمال المفرط للعنف القاتل من جانب الشرطة

الأساس في عمل الشرطة هو تقوم بعملها في حفظ الامن بناء على احترام المجتمع لها، وهو الاحترام الذي تفرضه بقدرتها على بسط الامن وحل المشاكل وليس صناعتها. واجبات البوليس اليومي لا تتطلب حمل السلاح. وانتشار ثقافة السلاح لدى العسكريين بل والمباهاة به هو الذي يجعلنا في مثل هذا الموقف الْيَوْمَ حين يتصدى جهاز دولة رسمي للدفاع عن قتلة ارتكبوا جريمة قتل وينبرون لتبرير جريمتهم ومحاولة إيجاد تبريرات واهية لها دون حتى انتظار نتائج تحقيق ولو صوري. ويتم ذلك بتشويه صورة الضحايا وكيل الاتهامات الاخلاقية لهم كأنها يمكن ان تبرر القتل

لا شيء يبرر القتل الذي تقوم به الشرطة السودانية على الاطلاق. وكما لا يوجد اَي مبرر لان تحمل شرطة خلافية مثل شرطة النظام العام التي لا يتضمن القانون الذي تطبقه -بغض النظر عن سوءاته الكثيرة- على اَي جريمة تحمل تهديدا لحياة مواطن اخر او حياة الشرطة، سلاح ناري قاتل. الاعتراف المطلوب واللازم والذي يمنح سلطة الشرطة الشرعية لأداء مهامها وواجباتها يتوقف على الموافقة العامة على وجودها وأفعالها وسلوكها وعلى قدرتها على تأمين الاحترام العام والمحافظة عليه. شرطة النظام في السودان تفتقر لكل هذه المقومات. وتقوم بممارسة عنف بشع وغير مقبول يصل الي درجة استسهال قتل المواطنين دون مبرر.
الشرطة واجباتها حماية المجتمع وتوفير الامن له، وليس اغتيال وقتل افراده

Comments

  1. وﻻبد من وقفة لكافة جموع الشعب السوداني ورفض هذا العنف الهمجي..و التعدي على علي حقوق المواطنين أبرياء العزل و والمطالبة بتجديد الشرطة من السﻻم وتقنين دورها ورفع هذا اﻻمر لكل الجهات القانونية داخل السودان وخارجه ومطالبة المؤسسات العالمية التي تهتم بحقوق اﻻنسان بدعم هذه المطالب عبر منابرها المتعدد

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

متاهة التحول الديمقراطي في السودان

حميدتي وقوات الدعم السريع: الموت حرفتي!

شبح ميونيخ: لماذا يجب رفض الاتفاق السياسي الذي يتم حاليا بين الحرية والتغيير والانقلابيين، وما هو البديل