نتيجة امتحانات الشهادة السودانية: هل هي فعلا مفاجأة! صورة التمايز التنموي في السودان


اذا كانت نتائج امتحانات الشهادة السودانية كشفت عن التمايز الكبير في نتائج التحصيل الدراسي بين مناطق السودان المختلفة، فان من الواجب علينا النظر الي المؤشرات العملياتية التي أدت الي هذه النتيجة.


والواقع ان هذه النتيجة هي انعكاس طبيعي لواقع التمايز في الخدمة التعليمية الحكومية (دون الأخذ في الاعتبار تأثير الخدمات التعليمية التي تقدم عبر القطاع الخاص والتي تفاقم من أثر هذا التمايز). 


حيث نجد ان معدل عدد التلاميذ لكل استاذ يتراوح بين ٢٠ طالب للاستاذ الواحد الولاية الشمالية و٢١ طالب للاستاذ الواحد في نهر النيل و٢٧ في الخرطوم العاصمة وهي الولاية الكثر اكتظاظا بالسكان و٢٩ في الجزيرة و٣٠ في كسلا .


بينما تصل النسبة الي معلم واحد لكل ٤٥ طالب  في غرب دارفور، و ٥٠ طالب مقابل المعلم الواحد في شمال دارفور، وتصل النسبة الي اقصاها بمعدل معلم واحد لكل ٧٩ طالب في ولاية جنوب كردفان


وقد ينظر ناظر الي الأرقام، فيرى ان ولاية النيل الأزرق لها معدل معقول للطلاب مقابل الاستاذ الواحد بمعدل ٢٣، لكنه لن يلبث ان يبصر المعدل الاخر لعدد الطلاب في الفصل الواحد ليجد ولاية النيل الأزرق هي اكثر الولايات اكتظاظا بالطلاب في الفصل الواحد بمتوسط ٥٢ طالب في الفصل الواحد


من الضروري النظر باهتمام الي عدم العدالة في توزيع الموارد بين أقاليم السودان المختلفة، والاستمرار في كشف خفاياها المتراكمة على مدى سنين الحكم الوطني، والاستمرار في اقتراح حلول واقتراح نماذج عادلة لتقسيم هذه الموارد المادية واولها الخدمات العامة بشكل اكثر جذرية من شكلانيات تقاسم مقاعد السلطة او تخصيص الموارد للنخب في اتفاقيات قسمة الثروة، وغير ذلك من مطالب البنية الفوقية التي تتقن السلطة حلها عبر الترميز التضليلي، دون مخاطبة الجذور التي أدت لتحويل الاختلاف حولها الي مشاكل بالأساس (مثل اللغة، والثقافة وثالثة الأثافي وأكبرها المتمثل في سؤال الهوية).


المهم فعلا والذي يجب معالجته في سياق معادلة تاريخية لحل المشكلة السودانية هو الخدمات التي تصل للمواطن القاعدي، وكيفية تحقيق العدالة في توزيعها على مواطني البلاد في أقاليمهم المختلفة


--
___________________
Amjed

Comments

Popular posts from this blog

متاهة التحول الديمقراطي في السودان

حميدتي وقوات الدعم السريع: الموت حرفتي!

شبح ميونيخ: لماذا يجب رفض الاتفاق السياسي الذي يتم حاليا بين الحرية والتغيير والانقلابيين، وما هو البديل