الدعم السريع والاستيلاء على منطقة المثلث- اكاذيب جديدة عن الهجرة غير المنظمة
الدعم السريع والاستيلاء على منطقة المثلث- اكاذيب جديدة عن الهجرة غير المنظمة
أمجد فريد الطيب
يونيو ٢٠٢٥
بيان مليشيا الدعم السريع عن استيلائها على منطقة المثلث الحدودي، والذي اورد أن سيطرتها على المنطقة الحدودية مع مصر وليبيا ستساعد في محاربة الهجرة غير الشرعية، يذكّر بالمثل السوداني: "إن التاجر المفلس يفتش في دفاتره القديمة". فقد استخدمت المليشيا في أيام البشير فزاعة الهجرة غير الشرعية للترويج لنفسها وتقديمها للمجتمع الدولي، وبخاصة الدول الأوروبية، وتلقت حينها دعمًا مقدرًا من هذه الجهات عبر هذه الفزاعة. يمكن مراجعة المزيد من التفاصيل هنا (http://sudanseen.blogspot.com/2017/12/the-judas-face-of-europe-what-can-you.html).
هذه المغالطة المعرفية المفضوحة هي مما تحبه الدوائر الساذجة والمغرضة في المجتمع الدولي، والتي تبنت من قبل ترويج التفسيرات المغلوطة للحرب بتصويرها حربًا ضد الإسلاميين، أو انحيازًا من المليشيا للحكم المدني والديمقراطية ومعسكر ثورة ديسمبر، أو تبرئة الدعم السريع من جريمة إشعال الحرب، أو غير ذلك من المغالطات التي يتولى كبر ترويجها جوقة من الساسة الطامحين إلى السلطة عبر بندقية الدعم السريع، ولو جاء ذلك على حساب دماء الشعب السوداني والاحتلال الإماراتي الصريح للسودان.
صناعة هذه المغالطة تهدف بشكل مباشر إلى تبرير حرب وجرائم الدعم السريع وتبرير التماهي معها في خطابها ومواقفها، وهو موقف يتلاقى فيه الراعي الإماراتي الخارجي واتباعه في في معسكر تأسيس وعدد من القوى السياسية السودانية الاخرى في صمود وغيرها، التي حاولت بشتى الطرق التعتيم على طبيعة مليشيا قوات الدعم السريع كمليشيا فاشية ترتكب جرائمها الوحشية ونهبها الافتراسي بشكل تلقائي مدمج في حمضها النووي منذ تأسيسها على يد نظام البشير كقوة حماية شخصية له. وهنا ربما ينفع التذكير ببعض الحقائق التاريخية حول الدعم السريع التي لا تخضع للجدل، لعلها تزيل بعض غباش المتاهة المعرفية التي يحاول البعض فرضها على السودانيين والعالم عند النظر إلى حرب السودان:
• قوات الدعم السريع هي مليشيا ذات تصميم وتركيب فاشي أنشأها نظام البشير في عام 2013 كإعادة تقديم لمليشيات الجنجويد، ولاستخدامها كقوة حماية شخصية له ضد أي توترات اجتماعية وسياسية أو تحركات للإطاحة به من داخل الجيش، ولهذا تم تبعيتها لجهاز الأمن وتحت الإشراف المباشر لطه عثمان الحسين، مدير مكتب البشير حينها، والذي يعمل حاليًا مستشارًا للإمارات.
• دشنت الدعم السريع وجودها المؤسسي في الخرطوم بمذبحة قمع انتفاضة سبتمبر 2013، وقتلت أكثر من 200 من المتظاهرين السلميين العزل بإطلاق النار عليهم في شوارع الخرطوم (ولمزيد من التفاصيل، راجع هنا: https://www.hrw.org/report/2014/04/21/we-stood-they-opened-fire/killings-and-arrests-sudans-security-forces-during).
• في الفترة بين 2013 وحتى 2015، ارتكبت مليشيا قوات الدعم السريع عددًا لا يحصى من جرائم الاغتصاب والنهب والقتل على أساس الهوية، والقتل الجماعي، والإعدامات الفورية، والتعذيب، وحرق القرى، والتهجير القسري، وغيرها من جرائم الحرب في شمال وجنوب دارفور، وفي جبل مرة، وفي جنوب كردفان، وغيرها من مناطق السودان. وتمثّل أفظعها في عمليات "الصيف الحاسم" (فبراير - مايو 2014) في شمال دارفور، ثم عمليات "الصيف الحاسم 2" (يناير - مايو 2015) ضد المواطنين وقوات عبد الواحد نور في جبل مرة، ثم هجوم مليشيا قوات الدعم السريع على قولو في 2015 (على الرغم من أنها كانت تحت سيطرة حكومة البشير حينها)، والتي شهدت عمليات اغتصاب جماعي، وحرق للمباني العامة، وعمليات قتل وإعدام جماعية، بالإضافة إلى النهب والتعذيب. وهذا نسق لا يزال مستمرًا من الدعم السريع حتى الآن (يمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات هنا: https://www.hrw.org/report/2015/09/09/men-no-mercy/rapid-support-forces-attacks-against-civilians-darfur-sudan).
• استخدم نظام البشير المخلوع تصاريح التنقيب عن الذهب كآلية للرشوة السياسية لقائد الدعم السريع عبر شركة الجنيد المملوكة له لضمان ولائه، ويسر طه عثمان الحسين علاقات الدعم السريع مع الإمارات عبر مشاركة المليشيا في حرب اليمن لتصبح ذراع الإمارات في السودان.
• عقدت مليشيا قوات الدعم السريع تحالفًا وشراكة مع مليشيات مجموعة فاغنر الروسية، تضمنت شراكات اقتصادية للتنقيب عن الذهب والعمل مع شركة الجنيد، وامتدت هذه العلاقة إلى التدريب العسكري والتعاون عبر الحدود في منطقة الساحل (لمزيد من التفاصيل، انظر هنا: https://www.theafricareport.com/280902/sudan-the-wagner-rsf-ties-that-block-the-path-to-democratisation/).
• اندلعت الحرب في الخرطوم في 15 أبريل 2023، وبينما تحاول الأطراف المتماهية مع سردية الدعم السريع تبرئتها من وزر اندلاع الحرب، فقد قامت المليشيا قبلها بيومين بتحريك قواتها لمحاصرة قاعدة جوية عسكرية تابعة للجيش في 13 أبريل.
• منذ اندلاع الحرب، ارتكبت قوات الدعم السريع جرائم حرب لا حصر لها من القتل الجماعي، والتجويع، واحتلال وتدمير الأعيان المدنية، والاغتصاب، والعنف الجنسي، والنهب الممنهج، وكل ذلك تحت ستار محاربة دولة 56 ومحاربة الإخوان المسلمين ودعم الحكم المدني الديمقراطي! وقد تم تصنيف أفعالها بواسطة جهات متعددة، منها الحكومة الأمريكية ذاتها، على أنها إبادة جماعية بشكل رسمي (لمزيد من التفاصيل، انظر هنا: https://2021-2025.state.gov/genocide-determination-in-sudan-and-imposing-accountability-measures/).
• تحاول الأطراف المتماهية مع الدعم السريع، مثل تحالفي صمود وتأسيس، وقبلهم تقدم، مواصلة التغبيش على حقائق ما ترتكبه المليشيا من جرائم، بغرض ضمان مقعد لها في الحكم وتأثير لسلاحها في مستقبل البلاد. وهو ما شهدناه في اتفاق حمدوك - حميدتي في أديس أبابا في يناير 2024، ومفاوضات المنامة في مارس 2024، ثم جنيف، وكلها كانت محاولات لصياغة معادلة قسمة سلطة جديدة مع الدعم السريع.
يُظهر بيان مليشيا الدعم السريع حول سيطرتها على منطقة المثلث الحدودي كاحد المحاولات المكشوفة لتلميع صورتها أمام المجتمع الدولي باستخدام فزاعة الهجرة غير الشرعية، متجاهلة تاريخها الحافل بالجرائم والانتهاكات. إن هذه المغالطات، والمتاهة المعرفية التي تدعم صناعتها أطراف سياسية ورعاة خارجيين، تهدف إلى تبرير استمرار العنف وتعميق الانقسام في السودان لايجاد مشروعية لبقاء الدعم السريع. هذا الواقع البديل لا يخدم السودانيين في شيء ولا يخدم اي مسعى لانهاء الحرب في السودان، بل هو يطيل امدها عبر تغبيش طبيعتها، لخدمة مصالح الدعم السريع ومن يقف معه وراءه.
Comments
Post a Comment